الرئيسية
تعد الأحزاب من أقوى المؤسسات غير الحكومية في أي نظام سياسي، وهي تهدف بالأساس للوصول للحكم عن طريق تقديم مرشحيها في الانتخابات، ولعل هذا هو الفارق بينها وبين جماعات المصالح التي لا تهدف للوصول للحكم بقدر ما تهدف إلى تحقيق أهدافها عن طريق القائمين في الحكم.
وتتعدد أشكال النظم الحزبية في العالم، فهناك نظام الحزب الواحد والذي كان بارزا في العديد من دول العالم الثالث حتى فترة قريبة خاصة في النظم الاشتراكية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي أوائل تسعينيات القرن الماضي. ولعل نظام الاتحاد الاشتراكي في مصر إبان الحكم الناصري خير دليل على ذلك، وهناك بعض الدول لا تزال تأخذ بهذا النظام حتى يومنا هذا مثل الصين.
وهناك نظام التعدد الحزبي، وهو نظام يقوم على وجود تعددية حزبية، لكن هذه التعددية قد تكون شكلية بحيث يظهر هذا النظام في النهاية بأحد شكلين هما: نظام ثنائي حزبي بمعنى بروز حزبين كبيرين يهيمنان على الحياة السياسية في البلاد، والأحزاب الأخرى تكون هامشية والأمثلة على ذلك عديدة، لعل من أبرزها الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، وحزبي العمال والمحافظين في بريطانيا، أما الشكل الثاني فهو وجود حزب واحد مهيمن على مقاليد الأمور، أي أننا أمام نظام الحزب الواحد الذي كان سائدا في السابق، لكن مع اختلاف بسيط، وهو أن النظم الاشتراكية كانت تحظر بموجب القانون تشكيل الأحزاب، أما في الشكل الجديد فإنه لا يوجد حظر على تشكيل هذه الأحزاب، لكن دورها هامشي ومحدود بجانب الحزب الحاكم مثل النظام الحزبي الموجود الآن في مصر.
سمات النظام الحزبي الأمريكي.. الثنائية الحزبية لماذا؟
كما سبق القول فإن النظام الحزبي في الولايات المتحدة هو نظام ثنائي الحزبية بالرغم من وجود أحزاب أخرى بخلاف الحزبين الجمهوري والديمقراطي. هذه الثنائية الحزبية لم ينص عليها الدستور الأمريكي، وإنما هناك مجموعة من الأسباب دفعت إلى بروز هذين الحزبين على الساحة السياسية واحتكارهما الانتخابات البرلمانية والرئاسية منذ استقلال الولايات المتحدة قبل أكثر من قرنين من الزمان من أبرزها ما يلي:
• الميراث التاريخي، بمعنى التأثر بالخبرة البريطانية في هذا الشأن على اعتبار أن بريطانيا كانت هي الدولة المستعمرة للولايات المتحدة، لذا حدث تأثر بالتجربة البريطانية، كما أن حدوث جدل عند نشأة الدولة بين مؤيدي قيام النظام الفيدرالي الذي يعطي صلاحيات واسعة للولايات في مواجهة الحكومة المركزية في واشنطن، ومعارضي هذا النظام، ساهم في بروز الحزبين، ففي داخل أول كونجرس شكّل الفيدراليون بزعامة "ألكسندر هاملتون" جبهة أقرب إلى الحزب داخل الكونجرس لتأييد الفيدرالية، وفي المقابل شكل "جيفرسون" جبهة مضادة أو حزباً معارضاً عُرف في البداية باسم حزب الجمهوريين– الديمقراطيين، لكن حدث انشقاق داخل هذا الحزب أسفر عن قيام "أندرو جاكسون" عام 1828 بتأسيس الحزب الديمقراطي، وبعده بقرابة 28 عاما (أي في 1854) تم تشكيل الحزب الجمهوري، ومنذ ذلك الحين هيمن الحزبان على الحياة السياسية الأمريكية.
• أيضا من ضمن العوامل التي ساعدت على بروز نظام الثنائية الحزبية طبيعة النظام الانتخابي الأمريكي، والذي يشترط ضرورة حصول المرشح في الانتخابات على الأغلبية المطلقة (50%+1) وهو نظام يؤدي إما إلى بروز حزب واحد مهيمن أو حزبين متنافسين، على عكس نظام التمثيل النسبي الذي يعطي لكل حزب عدد مقاعد في البرلمان بحسب نسبة الأصوات التي حصل عليها.
• العوامل الاجتماعية، ويقصد بها وجود مجموعة من السمات الخاصة بالمجتمع الأمريكي تحول دون بروز أكثر من حزب مؤثر، فلا توجد طبقات في المجتمع الأمريكي، لذا فلا يوجد حزب للعمال مثلا في أمريكا على غرار ما هو موجود في بريطانيا مثلاً، كما أن الانقسامات المجتمعية (ثقافية-لغوية-دينية) لا ترتبط بإقليم أو منطقة جغرافية معينة، ومن ثم فليست هناك أحزاب تمثل فئات معينة داخل المجتمع.
• قدرة الحزبين الكبيرين على التكيف من أجل إقناع الناخب بعدم التصويت لغيرهما من الأحزاب التي قد تظهر لظروف معينة، مثلما حدث عام 1932 بعد الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم والتي أسفرت عن اكتساب الحزب الاشتراكي الأمريكي نسبة لا بأس بها من الأصوات في أول انتخابات للكونجرس بعد الأزمة، مما دفع الحزب الديمقراطي إلى أن يصبح أكثر ميلا نحو اليسار بالرغم من أنه بالأساس حزب محافظ، وقد أطلق على هذا التوجه اسم النهج الجديد.
غياب الاختلافات الكبيرة بين الجمهوري والديمقراطي:
يمتاز النظام الحزبي الأمريكي – بخلاف أنه نظام ثنائي حزبي- بوجود تقارب كبير بين الحزبين في السياسات العامة سواء السياسات الداخلية أو الخارجية، فهناك شبه اتفاق في القضايا العامة، وإنما يكمن الخلاف في بعض التفاصيل، لذا يمتاز النظام الأمريكي بأن المفاضلة بين المرشحين في الانتخابات ليس بسبب البرنامج الذي يقدمه هذا الحزب أو ذاك، وإنما الاختيار يكون حسب السمات الشخصية لهذا المرشح أو ذاك، وهو أمر يشبه ما يحدث في كثير من دول العالم الثالث حيث يتم التصويت لهذا المرشح أو ذاك حسب المعرفة الشخصية به وليس حسب برنامجه الانتخابي.
ولعل مما ساعد على هذا التقارب في البرامج الحزبية بعض الظروف الخاصة، فالحزب الديمقراطي -بالرغم من أنه حزب محافظ يهتم بالنواحي الاجتماعية وتدخل الدولة في بعض الشئون الاقتصادية- بات أكثر ليبرالية مع تنامي التيار الليبرالي في العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي المقابل فإن الحزب الجمهوري الذي هو مشهور بأنه أكثر ليبرالية عمل على التحول تجاه التيار المؤيد لتدخل الدولة للقيام ببعض الأنشطة الاجتماعية في إطار ما يعرف باسم دولة الرفاهة، ومعنى ذلك أنه صار أقل ليبرالية، وبالتالي حدث التقاء بين الحزبين في منتصف الطريق.
أحزاب لا مركزية
أما السمة الثالثة للنظام الحزبي الأمريكي، فهو أن الأحزاب به غير مركزية، بمعنى أن قواعد الحزب يكون لها دور مهم في اختيار رؤساء الحزب، وكذلك مرشحي الحزب في الانتخابات المختلفة، لذا فالحزب ليس مركزيا أو حزب نخبة كما هو معروف في العديد من دول العالم الثالث، وإنما هو حزب جماهيري، حيث هناك تأثير وتأثر بين قيادات الحزب وقواعده، ولعل مما ساعد على ذلك نظام الفيدرالية المطبق في الولايات المتحدة والذي يعطي للولايات حرية أكبر في إدارة شئونها وعدم تركيز السلطات في يد الإدارة الأمريكية في واشنطن.
يارب الموضوع يعجبكم
وتتعدد أشكال النظم الحزبية في العالم، فهناك نظام الحزب الواحد والذي كان بارزا في العديد من دول العالم الثالث حتى فترة قريبة خاصة في النظم الاشتراكية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي أوائل تسعينيات القرن الماضي. ولعل نظام الاتحاد الاشتراكي في مصر إبان الحكم الناصري خير دليل على ذلك، وهناك بعض الدول لا تزال تأخذ بهذا النظام حتى يومنا هذا مثل الصين.
وهناك نظام التعدد الحزبي، وهو نظام يقوم على وجود تعددية حزبية، لكن هذه التعددية قد تكون شكلية بحيث يظهر هذا النظام في النهاية بأحد شكلين هما: نظام ثنائي حزبي بمعنى بروز حزبين كبيرين يهيمنان على الحياة السياسية في البلاد، والأحزاب الأخرى تكون هامشية والأمثلة على ذلك عديدة، لعل من أبرزها الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، وحزبي العمال والمحافظين في بريطانيا، أما الشكل الثاني فهو وجود حزب واحد مهيمن على مقاليد الأمور، أي أننا أمام نظام الحزب الواحد الذي كان سائدا في السابق، لكن مع اختلاف بسيط، وهو أن النظم الاشتراكية كانت تحظر بموجب القانون تشكيل الأحزاب، أما في الشكل الجديد فإنه لا يوجد حظر على تشكيل هذه الأحزاب، لكن دورها هامشي ومحدود بجانب الحزب الحاكم مثل النظام الحزبي الموجود الآن في مصر.
سمات النظام الحزبي الأمريكي.. الثنائية الحزبية لماذا؟
كما سبق القول فإن النظام الحزبي في الولايات المتحدة هو نظام ثنائي الحزبية بالرغم من وجود أحزاب أخرى بخلاف الحزبين الجمهوري والديمقراطي. هذه الثنائية الحزبية لم ينص عليها الدستور الأمريكي، وإنما هناك مجموعة من الأسباب دفعت إلى بروز هذين الحزبين على الساحة السياسية واحتكارهما الانتخابات البرلمانية والرئاسية منذ استقلال الولايات المتحدة قبل أكثر من قرنين من الزمان من أبرزها ما يلي:
• الميراث التاريخي، بمعنى التأثر بالخبرة البريطانية في هذا الشأن على اعتبار أن بريطانيا كانت هي الدولة المستعمرة للولايات المتحدة، لذا حدث تأثر بالتجربة البريطانية، كما أن حدوث جدل عند نشأة الدولة بين مؤيدي قيام النظام الفيدرالي الذي يعطي صلاحيات واسعة للولايات في مواجهة الحكومة المركزية في واشنطن، ومعارضي هذا النظام، ساهم في بروز الحزبين، ففي داخل أول كونجرس شكّل الفيدراليون بزعامة "ألكسندر هاملتون" جبهة أقرب إلى الحزب داخل الكونجرس لتأييد الفيدرالية، وفي المقابل شكل "جيفرسون" جبهة مضادة أو حزباً معارضاً عُرف في البداية باسم حزب الجمهوريين– الديمقراطيين، لكن حدث انشقاق داخل هذا الحزب أسفر عن قيام "أندرو جاكسون" عام 1828 بتأسيس الحزب الديمقراطي، وبعده بقرابة 28 عاما (أي في 1854) تم تشكيل الحزب الجمهوري، ومنذ ذلك الحين هيمن الحزبان على الحياة السياسية الأمريكية.
• أيضا من ضمن العوامل التي ساعدت على بروز نظام الثنائية الحزبية طبيعة النظام الانتخابي الأمريكي، والذي يشترط ضرورة حصول المرشح في الانتخابات على الأغلبية المطلقة (50%+1) وهو نظام يؤدي إما إلى بروز حزب واحد مهيمن أو حزبين متنافسين، على عكس نظام التمثيل النسبي الذي يعطي لكل حزب عدد مقاعد في البرلمان بحسب نسبة الأصوات التي حصل عليها.
• العوامل الاجتماعية، ويقصد بها وجود مجموعة من السمات الخاصة بالمجتمع الأمريكي تحول دون بروز أكثر من حزب مؤثر، فلا توجد طبقات في المجتمع الأمريكي، لذا فلا يوجد حزب للعمال مثلا في أمريكا على غرار ما هو موجود في بريطانيا مثلاً، كما أن الانقسامات المجتمعية (ثقافية-لغوية-دينية) لا ترتبط بإقليم أو منطقة جغرافية معينة، ومن ثم فليست هناك أحزاب تمثل فئات معينة داخل المجتمع.
• قدرة الحزبين الكبيرين على التكيف من أجل إقناع الناخب بعدم التصويت لغيرهما من الأحزاب التي قد تظهر لظروف معينة، مثلما حدث عام 1932 بعد الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم والتي أسفرت عن اكتساب الحزب الاشتراكي الأمريكي نسبة لا بأس بها من الأصوات في أول انتخابات للكونجرس بعد الأزمة، مما دفع الحزب الديمقراطي إلى أن يصبح أكثر ميلا نحو اليسار بالرغم من أنه بالأساس حزب محافظ، وقد أطلق على هذا التوجه اسم النهج الجديد.
غياب الاختلافات الكبيرة بين الجمهوري والديمقراطي:
يمتاز النظام الحزبي الأمريكي – بخلاف أنه نظام ثنائي حزبي- بوجود تقارب كبير بين الحزبين في السياسات العامة سواء السياسات الداخلية أو الخارجية، فهناك شبه اتفاق في القضايا العامة، وإنما يكمن الخلاف في بعض التفاصيل، لذا يمتاز النظام الأمريكي بأن المفاضلة بين المرشحين في الانتخابات ليس بسبب البرنامج الذي يقدمه هذا الحزب أو ذاك، وإنما الاختيار يكون حسب السمات الشخصية لهذا المرشح أو ذاك، وهو أمر يشبه ما يحدث في كثير من دول العالم الثالث حيث يتم التصويت لهذا المرشح أو ذاك حسب المعرفة الشخصية به وليس حسب برنامجه الانتخابي.
ولعل مما ساعد على هذا التقارب في البرامج الحزبية بعض الظروف الخاصة، فالحزب الديمقراطي -بالرغم من أنه حزب محافظ يهتم بالنواحي الاجتماعية وتدخل الدولة في بعض الشئون الاقتصادية- بات أكثر ليبرالية مع تنامي التيار الليبرالي في العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي المقابل فإن الحزب الجمهوري الذي هو مشهور بأنه أكثر ليبرالية عمل على التحول تجاه التيار المؤيد لتدخل الدولة للقيام ببعض الأنشطة الاجتماعية في إطار ما يعرف باسم دولة الرفاهة، ومعنى ذلك أنه صار أقل ليبرالية، وبالتالي حدث التقاء بين الحزبين في منتصف الطريق.
أحزاب لا مركزية
أما السمة الثالثة للنظام الحزبي الأمريكي، فهو أن الأحزاب به غير مركزية، بمعنى أن قواعد الحزب يكون لها دور مهم في اختيار رؤساء الحزب، وكذلك مرشحي الحزب في الانتخابات المختلفة، لذا فالحزب ليس مركزيا أو حزب نخبة كما هو معروف في العديد من دول العالم الثالث، وإنما هو حزب جماهيري، حيث هناك تأثير وتأثر بين قيادات الحزب وقواعده، ولعل مما ساعد على ذلك نظام الفيدرالية المطبق في الولايات المتحدة والذي يعطي للولايات حرية أكبر في إدارة شئونها وعدم تركيز السلطات في يد الإدارة الأمريكية في واشنطن.
يارب الموضوع يعجبكم 
